فصل: مقتل محمد بن زيد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة الحسن بن زيد وولاية أخيه.

ثم توفي الحسن بن زيد صاحب طبرستان في رجب سنة سبعين وولي مكانه أخوه محمد وكان قيامهم أولا على ابن طاهر كما ذكرناه ثم غلب يعقوب الصفار على خراسان وانتقض عليه أحمد السجستاني وملكها من يده ثم مات يعقوب سنة خمس وستين وولي مكانه أخوه عمرو وزحف إلى خراسان وقاسم السجستاني فيها وكانت بينهما حروب وكان الحسن داعي طبرستان يقابلهما جميعا إلى أن هلك وولى مكانه أخوه كما ذكرناه وكانت قزوين تغلب عليها أثناء ذلك عساكر الموفق ووليها أذكوتكين من مواليهم فزحف إلى الري سنة اثنتين وسبعين وزحف إليه محمد بن زيد في عالم كبير من الديلم وأهل طبرستان وخراسان فانهزم وقتل من عسكره ستة آلاف وأسر ألفان وغنم أذكوتكين عسكره جميعا وملك الري وفرق عماله في نواحيها ثم مات السجستاني وقام بأمره في خراسان رافع بن الليث من قواد الظاهرية فغلب محمد بن زيد على طبرستان وجرجان فلحق بالديلم ثم صالحه سنة إحدى وثمانين وخطب له فيها سنة اثنتين وثمانين على أن ينجده على عمرو بن الليث وكتب له عمرو بن الليث يعذله عن ذلك فأقصر عنه فلما غلب عمرو على رافع رعى لمحمد ابن زيد خذلانه لرافع فخلى له عن طبرستان وملكها.

.مقتل محمد بن زيد.

كان عمرو بن الليث لما ملك خراسان وقتل رافع بن هرثمة طلب من المعتضد ولاية ما وراء النهر فولاه واتصل الخبر بإسماعيل بن أحمد الساماني ملك تلك الناحية فعبر جيحون وهزم جيوش عمرو بن الليث ورجع إلى بخارى فزحف عمرو بن الليث من نيسابور إلى بلخ وأعوزه العبور وجاء إسماعيل فعبر النهر وأخذ عليه الجهات بكثرة جموعه فأصبح كالمحاصر ثم اقتتلوا فانهزم عمرو وأسره إسماعيل وبعث به إلى المعتضد سنة ثمان وثمانين فحبسه إلى أن قتل وعقد لإسماعيل على ما كان بيد عمرو ولما اتصل بمحمد بن زيد واقعة عمرو وأمره سار من طبرستان لا يرى أن إسماعيل يقصدها فلما انتهى إن جرجان بعث إليه إسماعيل يصده عن ذلك فأبى فسرح إليه محمد بن هرون وكان من قواد رافع بن هرثمة وصار من قواد إسماعيل ابن سامان فلقي محمد بن زيد على جرجان واقتتلوا فانهزم محمد بن هرون أولا ثم رجعت الكرة على محمد بن زيد وافترقت عساكره وقتل من عسكره عالم وأسر ابنه زيد وأصابته هو جراحات هلك منها لأيام قلائل وغنم ابن هرون عسكره بما فيه وسار إلى طبرستان فملكها وبعث يزيد إلى إسماعيل فأنزله ببخارى ووسع عليه الأنفاق واشتدت عليه شوكه الديلم وحار بهم إسماعيل سنة تسع وثمانين وملكهم يومئذ ابن حسان فهزمهم وصارت طبرستان وجرجان في ملك بني سامان مع خراسان إلى أن ظهر بها الأطروش كما نذكر بعد ويقال إن زيد بن محمد بن زيد ملك طبرستان من بعد ذلك إلى أن توفي وملكها من بعده ابنه الحسن بن زيد.

.ظهور الأطروش العلوي وملكه طبرستان.

الأطروش هذا من ولد عمر بن زين العابدين الذي كان منهم داعي الطالقان أيام المعتصم وقد مر ذلك وإسم الأطروش الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن عمر دخل إلى الديلم بعد مقتل محمد بن زيد وأقام فيهم ثلاث عشرة سنة يدعوهم إلى الإسلام ويأخذ منهم العشر ويدافع عنهم ملكهم ابن حسان فأسلم منهم خلق كثير واجتمعوا عليه وبنى في بلادهم المساجد وحملهم على رأي الزيدية فدانوا به ثم دعاهم إلى المسير معه إلى طبرستان وكان عاملها محمد بن نوح من قبل أحمد بن إسماعيل بن سامان وكان كثير الإحسان إليهم فلم يجيبوا الأطروش إلى البغي عليه ثم عزل ابن سامان عن طبرستان ابن نوح وولى عليها غيره فأساء السيرة فأعاد إليها ابن نوح ثم مات فاستعمل عليها أبا العباس محمد بن إبراهيم صعلوكا فأساء السيرة وتنكر لرؤساء الديلم فدعاهم الحسن الأطروش للخروج فعه فأجابوه فسار إليهم صعلوك ولقيهم بشاطئ البحر على مرحلة من سالوس فانهزم وقتل من أصحابه نحو من أربعة آلاف وحصر الأطروش بقيتهم في سالوس حتى استأمنوا إليه فأمنهم ونزل آمد وجاء صهره الحسن بن قاسم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد البطحاني بن القاسم بن الحسن بن زيد والي المدينة وقد مر ذكره فلم يحضر قتل أولئك المستأمنين واستولى الأطروش على طبرستان وتسمى الناصر وذلك سنة إحدى وثلثمائة ولحق صعلوك بالري وسار منها إلى بغداد ثم زحف الناصر سنة اثنتين وثلثمائة فخرج عن آمد ولحق بسالوس وبث إليه صعلوك العساكر فهزمهم الحسن الداعي وهو الحسن بن زيد ثم زحفت إليه عساكر خراسان وهي للسعيد نصر بن أحمد فقتلوه سنة أربع وثلثمائة وولي صهره وبنوه وكانت بينهم حروب بالديلم كما نذكره وكان له من الولد أبو القاسم وأبو الحسن وكان قواده من الديلم جماعة منهم ليلى بن النعمان وولاه صهره الحسن بعد ذلك جرجان وماكان بن كالي وكانت له ولاية استراباذ ويقرأ من كتاب الديلم وكان من قواده من الديلم جماعة أخرى منهم أسفار بن شيرويه من أصحاب ماكان ومرداويج من أصحاب اسفار والسيكري من أصحابه أيضا ومولويه من أصحاب مرداويح ويأتي الخبر عن جميعهم وكان الحسن بن قاسم صهر الأطروش وكان رديفه في الأمر حتى كان يعرف بالداعي الصغير واستعمل على جرجان سنة ثمان وثلثمائة ليلى بن النعمان من كبار الديلم وكان له مكان في قومه وكان الأطروش وأولاده يلقبونه المزيد لدين الله المنتصر لآل رسول الله وكانت خراسان يومئذ لنصر بن أحمد من بني سامان وكان الدامغان ثغرها من ناحية طبرستان وكان بها فراتكين من موالي ابن سامان فوقعت بينه وبين ليلى حروب وهزمه ليلى واستفحل أمره ونزع إليه فارس مولى فراتكين فأكرمه وأصهر إليه بأخته واستأمن إليه أبو القاسم بن حفص وهو ابن أخت أحمد بن سهل قائد السامانية عندما نكب خاله أحمد فأمنه وأجاره ثم حرضه الحسن بن قاسم الداعي الصغير على المسير إلى نيسابور فسار إليها ومعه أبو القاسم بن حفص فملكها من يفراتكين سنة ثمان وثلثمائة وخطب بها للداعي وأنفذ السعيد نصر عساكره إليه من بخارى مع قائده حمويه بن علي ومعه محمد بن عبيد الله البلعي وأبو جعفر صعلوك وخوارزم شاه وسيجور الدواني ويقراخان فلقيهم ليلى بطوس وقاتلوه فانهزم إلى آمد ولم يقدر على الحصار ولحقه يقراخان فقبض عليه وبعث حمويه من قتله واستأمن الديلم إليهم فأمنوهم وأشار حمويه بقتلهم فاستجار بالقواد وبعث برأس ليلى إلى بغداد وذلك في ربيع من سنة تسع وبقي فارس مولى فراتكين بجرجان.